الإطار التشريعي لحرية االاتصال السمعي البصري في تونس بين الموجود والمنشود

يعتبرالاعلام مجــالا مميــزا للدفــاع عــن حقــوق الإنســان، حيــث يلعــب، باعتبــاره الســلطة الرابعــة، دورا محوريــا فــي تركيــز وترســيخ الحريــات. ولذلــك يتماهــى إرســاء إعــلام مســتقل وتعــددي ومهنــي فــي حوكمتــه بالضــرورة مــع أهــداف عمليــةالانتقال الديمقراطــي. ويجــدر التذكيــر بــاإلرث الســلبي للنظــام القديــم، الــذي وظــف الاعلام ليكــون إحــدى ركائــز منظومــة الاستبداد مــن خــلال تحويلــه لاداة  دعايــة وتزييــف وتشــويه أي شــخص يرفــض هذه المنظومـة أو مؤسسـة تعارضهـاأو رأي ينقدها.فـي هـذا الاطار، كان النظـام القانونـي العــام موجهــا للتضييــق مــن مجــال الحريــة. ورغــم تكريــس دســتور 1959 حريــة الصحافــة والتعبيــر صلــب فصلــه الثامــن، فقــد كان النــص التشــريعي المنظــم للقطــاع قمعيــا إلــى جانـب كونـه منقوصـا مـن أحـكام خاصـة باإلعالم السـمعي البصري، باسـتثناء تلـك المتعلقة 1 با لإذاعــة والتلفــزة الوطنيتيــن. إبــان الثــورة، عــرف المشــهد الاعلامي  تحولات عديدة فتحــت البــاب للقيــام بإصلاحات عميقــة انطلقـت مــع المرســوم عــدد 115 لســنة 2011 المـؤرخ فـي 2 نوفمبـر 2011 المتعلـق بحريـة الصحافـة والطباعـة والنشـر والمرسـوم عـدد 116 لسـنة 2011 المـؤرخ فـي 2 نوفمبـر 2011 المتعلـق بحريـة الاتصـال السـمعي والبصـري وبإحـداث هيئـة عليـا مسـتقلة الاتصـال الســمعي والبصــري، إضافــة إلــى أحــكام دســتور 27 جانفــي 2014 المتعلقــة بحريــة التعبيــر 2 .لكـن فـي المقابـل، شـهد المسـار الاصلاحـي العديـد مـن العقبات،النابعة أساسـا، منــذ إمســاك »الترويكا« بزمام الحكــم فــي نهايــة 2011 ، ّ مــن عــدم توفــر الارادة  السياســية إ صــلاح الاعلام، وخاصــة تهديــد الاعلام  الســمعي البصــري العمومــي، التــي ترتبــت عنهــا آثـار سـلبية علـى مسـتوى ديمومـة المؤسسـات الاعلامية وتجنيبهـا التجاذبات السياسـية وهشاشة وضــع الصحفييــن علــى المســتوى المهنــي وا الاقتصــادي وا الاجتماعــي. فـي هـذا السـياق،تحاول هـذه الورقـة رسـم المسـار التشـريعي الـذي مـرت بـه حريـة الاتصـال السـمعي البصـري فـي تونـس مـن خـلال إبـراز الاصالحـات الموجـودة )I )التـي تظـل هشـة ومحـدودة بسـبب المخاطـر المنجـرة عـن المشـاريع المعروضة على مجلس نواب الشـعب )II.)

اقرا المزيد