تونس: يجب احترام الحق في التظاهر وضمان الشفافية البيئية

تونس: يجب احترام الحق في التظاهر وضمان الشفافية البيئية - Civic Space

Chedly Ben Ibrahim via Reuters Connect

تعرب منظمة المادة 19 عن بالغ قلقها إزاء القيود الأخيرة التي فرضتها السلطات على المتظاهرين في قابس، جنوب تونس، الذين يحتجون على التلوث البيئي ويطالبون بالشفافية والمساءلة. وتدعو منظمة المادة 19 السلطات التونسية إلى احترام الحق في التظاهر السلمي والإفراج الفوري عن جميع الذين تم توقيفهم بسبب ممارستهم لهذا الحق. كما تدعو السلطات إلى ضمان الشفافية الكاملة والوصول الى المعلومات البيئية، وفقًا لقانون الحق في النفاذ إلى المعلومة والتزاماتها الدولية لحقوق الإنسان. 

منذ  مطلع أكتوبر 2025، شهدت قابس مظاهرات واسعة النطاق عقب سلسلة من تسربات الغازات السامة من المجمع  الكيميائي. قد أسفرت هذه الحوادث عن نقل أو معالجة أكثر من 120 من سكان المدينة، من بينهم أطفال وتلاميذ، بسبب حالات اختناق وصعوبات في التنفس. وفي 15 أكتوبر 2025، خرج آلاف السكان في أكبر احتجاج تشهده المدينة منذ سنوات، مطالبين بإغلاق الوحدات الصناعية الملوِّثة وتنفيذ خطة  تفكيك ونقل الوحدات المعتمدة منذ عام 2017 والتي تأخر تنفيذها. وقد استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين حاولوا الوصول إلى المجمع الكيميائي، المصنَّف منطقة عسكرية. ووفقًا لتصريحات أدلى بها رئيس فرع هيئة المحامين في قابس لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، فقد مثل 89 شخصًا، من بينهم نحو 20 قاصرًا، أمام النيابة العمومية بين 14 و17 أكتوبر، فيما ينتظرآخرون من المحتفظ بهم مثولهمأمامها. ويثير هذا العدد الكبير من الإيقافات مخاوف جدية بشأن احترام ضمانات المحاكمة العادلة، ومدى تناسب ردّ السلطات مع طبيعة الاحتجاجات السلمية. 

تعود الأزمة البيئية في قابس إلى عقود من النشاط الصناعي. فمنذ إنشاء المجموع الكيميائي سنة 1972، تسببت الانبعاثات الكيميائية ونفايات الفوسفوجيبس في تلويث البحر والهواء والتربة، مما أدى إلى تدهور بيئي خطير ومشاكل صحية بين السكان. وقد صنّفت تقارير علمية ودراساترسمية، بما في ذلك تلك الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة  والمفوضية الأوروبية، خليج قابس كأحد أكثر المناطق الساحلية تلوثًا في البحر الأبيض المتوسط. ورغم هذه النتائج المقلقة، لا تزال البيانات الرسمية والمحدَّثة حول جودة الهواء والمياه محدودة. إن استمرار غياب الشفافية وتأخر نشر المعلومات البيئية يحرم المواطنين والباحثين والصحفيين من حقهم في المعرفة، مما يقوّض المشاركة العامة المستنيرة والمساءلة.إن الوصول إلى معلومات دقيقة ليس فقط مسألة تهمّ المصلحة العامة، بل هو حق قانوني وشرط أساسي لحوكمة بيئية فعالة. 

تحث  منظمة المادة 19 السلطات التونسية على ضمان الحق الكامل للأفراد في حرية التجمع والتعبير السلمي، والامتناع عن استخدام القوة المفرطة أو غير المتناسبة، وضمان النشر الشفاف والمنتظم للمعلومات البيئية والصحية، خاصة تلك المتعلقة بالانبعاثات الصناعية والحوادث السامة. كما تدعو المنظمة السلطات إلى الانخراط في حوار شامل مع الفئات المتضررة والمجتمع المدني والخبراء من أجل إيجاد حل مستدام قائم على حقوق الإنسان لأزمة قابس. إن حماية الحق في المعلومة والحق في الاحتجاج لا تتعارض مع أهداف التنمية في تونس، بل تمثل الأساس لبناء الثقة العامة، وتحقيق العدالة البيئية، وضمان مستقبل مستدام لجميع سكان قابس.