تونس: مشروع الدستور الجديد خطر على المسار الديمقراطي

تونس: مشروع الدستور الجديد خطر على المسار الديمقراطي - Civic Space

Tunisian president Kais Said

تعرب منظمة المادة 19 عن قلقها العميق إزاء فشل مشروع الدستور الجديد، المزمع عرضه على الاستفتاء في 25 جويلية 2022، في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وضمان التوازن بين السلطات. على الرغم من أن المشروع يحافظ ظاهريا على الحقوق والحريات الواردة في دستور 2014، إلا أنه يضعف بشكل كبير الضمانات الأساسية لضمان هذه الحقوق. على هذا النحو،تعبر منظمة المادة 19 عن رفضها مشروع الدستور المعروض الذي لا يلبي تطلعات الشعب التونسي إلى الديمقراطية. 

خلفية

نشر رئيس الجمهورية قيس سعيد، في 30 جوان 2022، مشروع دستور جديد سيتم التصويت عليه في الاستفتاء المزمع إجراؤه في 25 يوليو 2022. وأثار المشروع انتقادات واسعة النطاق في الأوساط السياسية والقضائية والأكاديمية والإعلامية في تونس، وكذلك بين النقابات العمالية والمجتمع المدني،بالنظر للتراجعات الكبيرة عن الضمانات المنصوص عليها صلب دستور 2014 علاوة على أنه جاء ليكرس الإجراءات الانفرادية التي قررها رئيس الجمهورية منذ إعلانه عن حالة الاستثناء في 25 جويلية 2021.

وقد عرف مسار إعداد الدستور إقصاء فئات واسعة من المجتمع التونسي من المشاركة في صياغته، حيث عبّر عمداء وعميدات كليات الحقوق من خلال بيان عام صدر يوم 24 ماي 2022 عن رفضهم/هن الانخراط في هذا المسار الذي اعتبروه مهددا لحياد المؤسسات الجامعية.[1] كما قامت عدة أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات وطنية بمقاطعة مسار إعداد مشروع الدستور بسبب طابعه الفوقي وغياب جميع أشكال التشاور بين رئيس الجمهورية ومختلف القوى الحية في المجتمع.

كما صرح رئيس اللجنة التي أشرفت على إعداد الدستور بأن المشروع الذي سيقع عرضه على الاستفتاء يختلف اختلافا جذريا عن المشروع الذي أعدته اللجنة وحذر من التبعات الخطيرة التي يمكن أن تنجر عن المشروع المقترح من طرف رئيس الجمهورية الذي يشكو من نقص فادح في الآليات الديمقراطية للحد من السلطة التنفيذية.[2]

أهم المخاوف لدى منظمة المادة 19

تشعر منظمة المادة 19 بالقلق من أن مشروع الدستور لا يتلاءم مع المعايير الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، على النحو المنصوص عليه في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان،وبالخصوص:

  • القيود المفروضة على حرية التعبير لا تتوافق مع الضوابط المسموح بها للقيود بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف الجمهورية التونسية. وبالتحديد، لا يشترط مشروع الدستور أن تكون القيود ضرورية في مجتمع ديمقراطي ومتناسبة مع الأهداف المنشودة (كما هو منصوص عليه حاليًا في الفصل 49 من دستور 2014). نخشى أن تمكّن هذه الأحكام السلطات العمومية من تقييد حرية التعبير في البلاد بشكل تعسفي.
  • حذف ضمانات استقلالية وحياد هيئة الاتصال السمعي البصري.ألغى مشروع الدستور المقترحجميع ضمانات استقلال وحياد أعضاء الهيئة (التي يضمنها الفصل 127 من دستور 2014) ودورها في ضمان المسار الديمقراطي، والمشهد الإعلامي التعددي في البلاد. كما يسمح الدستور الجديد لها بأن تصبح أداة هيمنة بيد السلطة التنفيذية على قطاع الإعلام وهو ما يهدد المسار الديمقراطي.
  • يعطي مشروع الدستور صلاحيات سلطوية لرئيس الجمهورية خصوصا والسلطة التنفيذية عموما. إذ ينص المشروع على وجه الخصوص، على أن رئيس الجمهوريةيضبط السياسات العامة للدولة (الفصل 100) ويعين الحكومة (الفصل 101) التي تنفذ سياسات الرئيس وتكون مسؤولة أمامه (الفصلان 111 و 112). كما يجوز للرئيس حل مجلس نواب الشعب في حالة الخلاف بين الحكومة ومجلس الشعب. ومع ذلك كله، لا يتحمل رئيس الجمهورية أية مسؤولية طيلة فترة الرئاسة، وهو ما يتعارض مع مبدأ التوازن بين السلطات.

إن منظمة المادة 19 قلقة للغاية من مخاطر هذه الأحكام التي من شأنها أن تزيد من انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدناها منذ إعلان حالة الاستثناء وتصاعد محاكمات الرأي أمام المحاكم المدنية والعسكرية.[1]

كما نحذر من أن الدستور الجديد سيكون أداة لإنهاء المسار الديمقراطي في تونس.

[1]أنظر/ي:

https://www.reuters.com/world/middle-east/deans-tunisian-law-faculties-refuse-membership-committee-new-constitution-2022-05-24/

[2]أنظر/ي:

https://www.lemonde.fr/afrique/article/2022/07/03/tunisie-le-projet-presidentiel-de-nouvelle-constitution-est-dangereux_6133181_3212.html