نحن المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه، ندين بشدة التصيعد في حملة القمع التي تشنها السلطات المغربية ضد الاحتجاجات السلمية، بما في ذلك ضد القاصرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتي دخلت يومها الثالث على التوالي. ونطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع من اعتُقلوا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع.
بدأت هذه التحركات يومي 27 و28 سبتمبر/أيلول عقب دعوات أُطلقت عبر منصات رقمية مثل “ديسكورد“. وفي مدن كبرى كالعاصمة الرباط والدار البيضاء وطنجة ومكناس، استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة وغير المتناسبة لتفريق التجمعات السلمية التي دعا إليها حراك “جيل Z 212″ الشبابي.
شهدت الرباط وحدها اعتقال أكثر من مئة شخص، إضافة إلى عشرات آخرين في الدار البيضاء ومراكش وأكادير. وفي تطورات لاحقة، أُوقف 21 شاباً وشابة بينهم قاصرون على الطريق السريع بالدار البيضاء، كما اعتُقل الصحفي إبراهيم بوفدام. وترافق ذلك مع إحالات قضائية، حيث من المقرر أن يمثل صانع الأفلام أشرف أمزيل ومغني الراب أنس الزمّاطي أمام المحكمة يوم الثلاثاء 30 سبتمبر/أيلول.
وقد تم توثيق هذا القمع على نطاق واسع. أظهرت تسجيلات مصورة قوات الأمن وهي تفرق الاحتجاجات بعنف، وتنهال بالضرب على المشاركين وتنفذ اعتقالات تعسفية. كما أن تعدد الفئات التي شاركت في الاحتجاجات، من طلاب ومهنيين شباب إلى صحفيين وشخصيات ثقافية، يوضح أن هذه التحركات تعبر عن مطالب مجتمعية شاملة. ومن بين المعتقلين: فاروق المهداوي، محامٍ شاب وأمين عام منظمة الشباب التابعة للفيدرالية اليسار الديمقراطي (وأُفرج عنه لاحقاً)؛ الناشطة النسوية لطيفة المخلوفي؛ فاطمة الزهراء البلغيثي، ناشطة معروفة في جمعية أطاك المغرب؛ المدون البارز حمزة الفاضل؛ وأعضاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ورغم الإفراج عن بعضهم، جرى اعتقال عشرات آخرين يوم الاثنين 29 سبتمبر/أيلول، في مؤشر واضح على استمرار سياسة القمع الممنهجة ضد حرية التجمع والتعبير السلمي.
وقد نُظمت هذه الاحتجاجات للمطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية الأساسية. وجاءت بعد موجة غضب شعبي إثر وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى عمومي بأكادير، في حادثة تعكس الانهيار الكارثي لخدمات الصحة العمومية. وزاد من تأجيج الغضب تردي أوضاع التعليم العمومي وارتفاع معدلات البطالة في البلاد. وقد رفع المحتجون شعارات مثل “المستشفيات قبل الملاعب”، في إشارة إلى الأولويات الحكومية التي تركز على تنظيم أحداث رياضية كبرى – لا سيما استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030 – على حساب الخدمات العامة الأساسية.
ورغم مشروعية هذه المطالب، كان رد السلطات تكراراً لنهج مألوف ومقلق: قمع أمني شديد، واعتقالات تعسفية، وسياسة ترهيب، بدل الإصغاء لمطالب الشباب ومعالجتها.
وتُعرب المنظمات الموقعة عن قلقها البالغ إزاء اعتقال مواطن لمجرد إدلائه بتصريح سلمي لوسائل الإعلام، في انتهاك صارخ لحرية التعبير المكفولة دستورياً بموجب الفصل 25. إذ يشكل ذلك سابقة خطيرة تهدد حق كل مواطن في التعبير عن رأيه. كما أن اللجوء إلى العنف لتفريق الاحتجاجات السلمية يُعد انتهاكاً صريحاً لحق التجمع السلمي المكفول في الفصل 29 من الدستور.
بالإضافة إلى ذلك، تمثل هذه الممارسات خرقاً لالتزامات المغرب القانونية الدولية بموجب المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن الحق في التجمع السلمي ولا تجيز تقييده إلا عند الضرورة وبصورة متناسبة في مجتمع ديمقراطي. كما أنها تتعارض مع المبادئ الواردة فيhttps://docs.un.org/en/CCPR/C/GC/37 التعليق العام رقم 37 الصادر عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والذي يؤكد أن الحق في التجمع السلمي حق أساسي، وأن على الدول واجباً إيجابياً في تيسيره لا قمعه بالقوة المفرطة والاعتقالات التعسفية. إن قمع للتجمعات السلمية والاعتقالات التعسفية واستخدام القوة المفرطة يمثل خرقاً واضحاً لهذه المبادئ الجوهرية لحقوق الإنسان.
وقد زاد من خطورة الوضع تجاهل وسائل الإعلام الرسمية تقريباً لهذه الاحتجاجات، حيث تعمدت التعتيم عليها والتركيز على أحداث أخرى، ما عمّق أزمة الثقة وأوجد فراغاً معلوماتياً يغذي الإفلات من العقاب إزاء انتهاكات قوات الأمن.
وعليه، فإننا نطالب السلطات في المغرب بما يلي:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً بسبب مشاركتهم السلمية في الاحتجاجات أو بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير.
- فتح تحقيق مستقل وحيادي وفعال في جميع مزاعم الاستخدام المفرط للقوة والاعتقالات التعسفية من قبل قوات الأمن، وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
- احترام وضمان الحق في حرية التجمع السلمي كما يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع التأكد من أن أي قيود تكون مشروعة وضرورية ومتناسبة.
- ضمان حقوق حرية التجمع السلمي وحرية التعبير للجميع في جميع الظروف، دون خوف من الانتقام.
- الاعتراف العلني بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة للمحتجين، وفتح حوار وطني جاد وشامل لمعالجة أزمات الصحة والتعليم والبطالة.
إن المطالب المشروعة لشباب وشابات المغرب بالكرامة والعدالة تفرض على الدولة واجب الإصغاء إليها وضمان حقوقهم الأساسية، بدلاً من مواجهتها بالقمع والعنف.
الموقعون:
- سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان (SIHR)
- جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات (IARF)
- هيومنا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
- لجنة العدالة
- تحالف فوكا للعمل المدني
- سيفيكوس
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- المكتب الكازاخستاني الدولي لحقوق الإنسان
- معهد حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا
- جمعية إفريقيّة
- الشراكة من أجل الحماية المتكاملة (PPI)
- الرابطة التونسية للدفاع عن لحقوق الإنسان
- منظمة المادة 19